الأيام السبعة بدأت تنتهى سريعا...........!

1- تقرير وكالات الأنباء:

انطلق أمس في تمام الساعة السابعة بتوقيت جرينتش مكوك الفضاء "تشيك" بنجاح، وعلى متنه سبعة رواد، وربّان وحيد، سيدور حول الأرض عدة مرات، قبل أن ينطلق نحو القمر بسرعة 7000 ميل/ ساعة.

تستغرق الرحلة حوالي أسبوع حتى الوصول إلى سطح القمر، وهناك سيجمعون بعض الصخور وعينات من ثاني أكبر فوهة على وجه القمر الذي نراه "كلافيوس"، نصف قطر الفوهة تقريبا 75 ميلا، وكونتها آلاف النيازك التي اصدمت بالقمر منذ ملايين السنين؟

***********

2- تقرير المكوك "تشيك" إلى قاعدة "جون كيندي" الفضائية:

انتهينا بنجاح من المرحلة الأولى، وهي الدوران حول الأرض سبع مرات بسرعات مختلفة، وننطلق الآن نحو القمر بسرعة 7000 ميل/ ساعة لمسافة تقدّر بــ 221463 ميلا.

لا توجد مشكلات، سوى حادث بسيط أدى إلى خلل في الإرسال على هوائي البث، وهو عمل بسيط سيقوم به رائد الفضاء "إدي جرارد"، وربما اضطر للخروج إلى الفضاء؛ لاستبدال الهوائي التالف بواحد آخر، حتى لا يحدث انقطاع للاتصال بين المكوك والأرض في حالات حرجة.

لا داعي للقلق، الأمور تسير على ما يرام.

***************

3 ـ رسالة رائد الفضاء "إدي جرارد" من المكوك "تشيك":

لا أعرف ما الذي حدث بالضبط، العرق يتصبب مني في غزارة فيغرق أزرار الإرسال، سأحكي الأمر من البداية لعل أحدكم يصدقني، ولكنني لا أثق في هذا كثيرا، فأنا حتى هذه اللحظة لا أصدق نفسي:
كانت أمامنا سبع ساعات فقط قبل الدخول في مجال جاذبية القمر، وهي مرحلة حرجة تتطلب تركيزا عاليا، لذا رأى الربّان أن أخرج لإصلاح الهوائي التالف خارج المكوك، وهو عمل بسيط سهل ولا توجد به أي خطورة..

ارتديت بزتي الواقية، وخرجت في مهمة سريعة، المفترض أن تستغرق سبع دقائق، وتركت في الداخل سبعة أشخاص يعدون أنفاس المكوك لو كان له أن يتنفس.

وفي الوقت المحدد بالضبط كنت أعود إلى غرفة معادلة الضغط وقد أنجزت المهمة، وأمامي كانت المفاجأة القاسية، كانت أبواب غرفة معادلة الضغط مفتوحة على مصراعيها، لا يمكن أن يحدث خطأ كهذا، فنحن لسنا تلامذة في مدرسة ثانوية.. نحن رواد فضاء في "ناسا" أيها السادة.. كما أن جهاز الكمبيوتر المسئول عن هذه العملية، تبلغ نسبة وقوعه في مثل هذا الخطأ الواحد إلى كل بليون.

وتخيلت المشهد في الداخل، رباه!!

هذا الضغط المنخفض لا بد وأنه مزّقهم أربا، بالتأكيد لم يجد أحدهم الفرصة لارتداء الأزياء الواقية، لقد كنت على الجهة الأخرى من المكوك فلم أشاهد ما حدث، تطاير الأجساد من داخل المكوك إلى الفضاء الخارجي، قبل أن تنفجر.

وهكذا عدت إلى داخل المكوك في حالة مريعة، قبل أن أغلق غرفة معادلة الضغط يدويا هذه المرة، وأعيد تشغيل أجهزة ضبط الضغط والحرارة والأوكسجين.

خلعت بزتي في أسف وجلست وأنا على وشك الانهيار، ولكن بعد قليل من الوقت عدت إلى رشدي مع أزيز الأجهزة التي تنذرني بأنني قد دخلت إلى مجال جاذبية القمر.

وبصعوبة استطعت الهبوط في المكان المحدد، ولكن المفاجآت القاسية كانت بانتظاري، لقد شارف مخزون الأوكسجين على النفاد، ولذلك قمت بتحرير بعض الأوكسجين من الخزانات الاحتياطية، كما أن أجهزة ضبط الضغط قد تضررت كثيرا، لذا أرسل هذه الرسالة وكل ما لدي من وقت هو أسبوع واحد، قبل أن يصبح هذا المكوك مجرد خردة، وأنا جثة هامدة، ولن يتحمل المكوك أبدا القيام بمغامرة الإقلاع عن سطح القمر.. باقي من الوقت أسبوع واحد.. سبعة أيام فحسب!

لقد قلت ما لدي، وأنتظر الرد.

***********

4 ـ رسالة قاعدة "جون كينيدي" إلى المكوك "تشيك":

وصلتنا رسالتك وفهمنا محتواها، على الرغم من كم الثغرات التي لا نجد لها أي تفسير، ولكننا سنرسل مكوك الفضاء "ديسكفري 7" في مهمة عاجلة لإنقاذك، وسيكون هذا بالتأكيد قبل انتهاء مهلة الأسبوع.. سنبذل قصارى جهدنا أيها الرائد... الأرض في انتظارك!

*********

5 ـ تقرير المكوك "تشيك" إلى قاعدة "جون كينيدي":

إنهم في كل مكان، ينظرون إليّ ويبتسمون في مرح، في حجرة القيادة، وفي حجرة المحركات، وفي الغرف السفلية، حتى في دورة المياه!.. أقسم على ذلك يا رفاق!

لا أعرف بالضبط ما شأنهم بي، هل قتلتهم حقا؟.. أنا آخر من غادر المكوك عبر غرفة معادلة الضغط، بالتأكيد هذا خطئي، وإلا لماذا عادوا؟.. إنهم في إثري!

وأنا وحيد.. أنظر إلى القمر الكبير المسمى بالأرض وأتمنى الوصول إليه، بيني وبينه آلاف الأميال من الفراغ القاسي الرهيب.

آخر مرة رأيتهم فيها كان الربان "فينك" يلعب البوكر مع الرائد "سميث"، وكأن الأمور على ما يرام.. "فينك" الذي لا يتخلى عن البوكر حتى في الفضاء!

أحيانا أجد "مارجريت" تجلس أمام أجهزة القيادة، وهي تنظر إلى العدادات بحيرة كعادتها دائما.

أمس ارتديت بزتي الواقية، وخرجت في جولة سريعة؛ لفحص بقايا نيزك قريب من المكوك الممدد في قاع "كلافيوس"، ووجدت من بعيد الرائد "نيكلسون" يسير وهو لا يرتدي أي ملابس على الإطلاق، عندما رآني ابتسم في حرج، وأشار لي بيده، قبل أن يمارس عملا غريبا بعض الشيء.

انفجر كبالون ضخم، حتى أن الدماء قد لطخت زجاج خوذتي، فأسرعت إلى المكوك وأنا في قمة الرعب، وعندما خلعت البزة، لم أجد أي أثر للدماء، أرواحهم تتلاعب بي.. أو أشباحهم إن كان يليق برائد فضاء أن يصدق هذه الخزعبلات، أرجوكم.. فسروا لي ما يحدث، أو أرسلوا النجدة بأسرع ما يمكن.

الأيام السبعة بدأت تنتهى سريعا...........!

**********

6- تقرير الخبير النفسي "جوزيف سينا" - وكالة ناسا:
إن ما أصاب الرائد "جرارد" على مكوك الفضاء "تشيك" يرجع حتماً إلى الصدمة التي أصابته نتيجة ذلك الحادث المؤسف، وأصابته عقدة الذنب نتيجة إحساسه بأنه سبب موت رفاقه، ولكن اطمئنوا، من الصعب جدا أن يقدم الرائد "جرارد" على رد فعل أحمق كالانتحار، فهو مؤهل لمقاومة أقصى الصدمات والأحداث القاسية، بل هو سينتظر النجدة، وسيقاوم تلك الهلاوس.... كل تقاريره النفسية تبرهن على ذلك!

************

7 ـ من تقرير المكوك "ديسكفري 7":

وبفحصنا للمكوك تبين لنا أن الخطأ ناتج عن تآكل في الصمامات الداخلية، أدى إلى صدور الإشارة بفتح باب غرفة معادلة الضغط، دون أن يتم عمل الاحتياطات الملازمة.

في البداية لم نجد أي أثر لرائد الفضاء "إدي جرارد" داخل المكوك، ولكننا فحصنا المنطقة المحيطة للمكوك باستخدام الأشعة تحت الحمراء، ووجدنا بعض الآثار التي يمكن أن تفيدنا.

وخرج ثلاثة منا في مهمة سريعة على سطح القمر، وبعد ربع ساعة عادوا وعلى ملامحهم معالم الحزن، وقد جلبوا معهم بزة خالية وقد تحطم زجاجها الأمامي، وبداخلها بقايا أشلائه ودمائه الباقية.

ويبدو أنه لم يتحمل الضغوط العصبية الفائقة، فأقدم على إنهاء حياته بنفسه، ولكن من المثير للدهشة، أن رائدي الفضاء الذين عادوا بالبزة، قالوا إن هناك ما يشبه آثار الأقدام البشرية بجانب البزة، وهذا يقودنا إلى تقرير الرائد "جرارد" بإنه شاهد الرائد "نيكلسون" يسير على سطح القمر متجردا من ملابسه..

والواقع أن...........